وبعد أن شرح سبحانه أقاصيص عبدة الأوثان، ثم أتبعه بأحوال الأشقياء والسعداء، أنذر أعداء النبي صلى الله عليه وسلم والمشركين من قومه بما حل بالأمم المهلكة من العذاب فقال:
(فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ) أي إذا كان أمر الأمم المشركة الظالمة فى الدنيا ثم فى الآخرة كما قصصناه عليك، فلا تكن فى أدنى ريب مما يعبد قومك هؤلاء فى عاقبته بمقتضى تلك السنن التي لا تبديل لها.
وفى ذلك تسلية له صلى الله عليه وسلم ووعيد لقومه كما لا يخفى.
ثم بين حالهم فى عبادتهم وجزاءهم عليها فقال:
(ما يَعْبُدُونَ إِلَّا كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ، وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ) أي إنهم أشبهوا آباءهم فى الجهل والتقليد فهم مقلدون لهم، وإنا لمعطوهم نصيبهم من جزاء أعمالهم فى الدنيا وافيا تامّا لا ينقص منه شىء كما وفينا آباءهم الأولين من قبل فأعمال الخير التي يعملونها فى الدنيا كبرّ الوالدين وصلة الأرحام وإغاثة الملهوف يوفون جزاءهم عليها بسعة الرزق وكشف الضر جزاء تاما وافيا ولا يجزون عليها فى الآخرة، ومثل هذا الجزاء متاع عاجل لا يلبث أن يزول.
المعنى الجملي
بعد أن ذكّر مشركى مكة بأقوام غلب عليهم الكفر والجحود ولم يؤمن إلا القليل منهم، فوفّاهم جزاء أعمالهم فى الدنيا وسيوفيهم جزاءهم فى الآخرة- ذكّرهم فى هاتين